مدونة الدكتور غازي الحيدري

مدونة د. غازي الحيدري تهتم بالجانب التربوي والتعليمي وإدارة وتطوير الذات اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية

اخفاء القائمة الجانبية من الموضوع

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية

اخفاء القائمة الجانبية من الصفحات

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية

تأخير ظهور الصفحة لربع ثانية

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية

مدونة الدكتور غازي الحيدري، أستاذ جامعي ومدرب ومشرف تربوي

طريقة تفعيل هذه الاضافة :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لتفعيل علامة صح وبهذا تكون قد فعلت الخاصية طريقة ايقاف هذة الخاصية :- اضغط علي المربع اسفل كلمة مرئي لالغاء علامة ( √ ) وبهذا تكون قد اوقفت الخاصية

تغير الخطوط

Tajawal

BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

تعفن الدماغ.. ناتج من نواتج المحتوى التافه

 

تعفن الدماغ.. هو المصطلح المعتمد للعام المنتهي 2024م لدى جامعة أكسفورد في قاموسها الإنجليزي ، حيث وصل التصويت الخاص به إلى230٪ من قبل استبيان شمل 37000 شخصاً، ولعل سائلاً يقول ومالمقصود بذلك؟


أقول : يصاب الدماغ بالتعفن إذا ما اعتاد متابعة التوافه على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تلك التي لا تضيف جديداً من المعارف أو المهارات أو القيم للمتابع، كالانهماك بمتابعة اللقطات الساقطة أو الصور الهابطة في المواقع.
ومثلها إدمان متابعة الماجريات والأحداث التي لاتمت بصلة إلى غايته وأهدافه ومجال اختصاصه في الواقع.

كما يتعفن الدماغ أيضاً بالاكتفاء بالملخصات اليسيرة والمقاطع القصيرة ، والانشغال التام بذلك عن الغوص في كبار الكتب والمصادر والمراجع.


ومادام الأمر كذلك فإن النتائج غير محمودة، والعواقب وخيمة، إذ يصبح من كان ذلك حاله ضعيفاً في شخصيته غير قوي، و هشّاً في سلوكه غير سوي، وماذا يتوقع من مَن كان دماغه متعفناً سوى الخمود والجمود، والسلبية والعشوائية والفوضوية، عن التنظيم تائه، وعن الإنجاز بعيد.
يصاب بالتشتت وعدم التركيز، والخلود للتقوقع والانطوائية، وضعف وهشاشة العلاقات الاجتماعية.



وليس كنهل ماهو قصير وسريع تافه بطبيعة الحال على الدوام ، وإنما المعيب والمرفوض أن تستحوذ هذه المقاطع في تلك المواقع على معظم الأوقات وذلك لما  يتخللها من المشتات، وخاصة إذا أكثر المتابع من الارتباط بعدد من التطبيقات وإنشاء العديد من الحسابات.
إذ في هذه الحالة لن يستطيع الفكاك أو التملص فضلاً عن التخلص مما يرِد فيها من تنبيهات وإشعارات، وما إلى ذلك من رسائل تستدرج المالك ليهوي في سحيق الدركات ومستنقع الملهيات.


وهنا حريّ بكل من يتابع هذه الأسطر وهذه الكلمات أن يأخذ حِذره قبل أن يقع في مغبة تلك العادات فيصاب بآفة تعفن الدماغ، ومآلاته الخطرة المفضية دون شك إلى الاهتزاز في الشخصية، وإلى قلة إنجازاته اليومية، وربما أدى ذلك إلى خسارته المستقبلية.


حروفٌ دامعة لرحيل زميل

كالصاعقة أو أشدُّ؛ هو خبرُ رحيلِ صديقٍ وزميلٍ وعزيزٍ عنك إلى الأبد، هكذا واجهتُ خبرَ رحيل أخي وصديقي وزميل الدراسة في المرحلتين الأساسية والثانوية الأستاذ عبد العالم عبد الرحمن قاسم إثر مرضٍ مفاجيءٍ حلَّ به ، لن أكون مبالغاً إن قلت بأني عند مشاهدتي الخبر في مجموعة قريتنا الصغيرة أو جنتنا على الواتس أب تسمّرتُ مكانيَ ولم أكدْ أُصدّق ما أرى، فرأيت التعازي تنهالُ تعزيةً بعد أخرى، فهللتُ وحوقلتُ واسترجعت، وطافت بي الذاكرةُ طويلاً إلى الوراء سنوات وسنوات، لاستعراض مواقف ومشاهد، وجلساتٍ وسمرات، وحواراتٍ ولقاءات.


ثم أفقتُ بعدها لما هو أهمٌّ من ذلك تلك اللحظة ، وهو التواصلُ بأخي الغالي الأخ الأكبر للفقيد أ. عبد الفتاح للتعزية أولاً، ثم السؤال عن سبب الوفاة، فأجابني للتو بصوتٍ يملؤه الألم بِردّ السلام ثم أردف مباشرة بالقول: أخي غازي، كان الأخ عبد العالم يُقدّرك ويُعزّك كثيراً، وكنتَ أكثر الأشخاص ذِكراً في فمه، وأعزُّ الأشخاص وأقربُهم إلى قلبه حسب تصريحاته المتكررة، وإحساسي بذلك لايخيب بالطبع؛ فأنا ألمسُ تلك المعزة وذلك التقدير بكل وضوح منذ تاريخ بدء العلاقة سابقاً ، ومن خلال التواصل وما كُنا عليه لاحقاً، ولا غرابة في ذلك، وأنا أبادِلُه الشعور نفسَه، رغم بعد المسافة وطول فترة اللقاء الذي تجاوز أكثر من خمس سنوات ربما.

أخي عبد العالم.. ذلك الحبيبُ الذي كان لايطيبُ لأحدنا جلوساً ولا خروجاً إلا مع بعضنا، وإلا فإن المقام والمقال والبقاء والمقيل والسمر لايحلو ولايطيب.
أخي عبد العالم.. ذلك الزميلُ الذي كانت لا تطيب غرفة الدراسة ولا اداء المدرس ولا طريق المدرسة إلا بالرفقة الثنائية بيننا، والسير جنباً إلى جنب، والجلوس معاً على كرسي  الدراسة.

أخي عبد العالم.. ذلك الرفيقُ الذي كانت لا تطيب أوقات الظهيرة والمقيل بعد الدوام إلى المساء  للنقاش أو المراجعة وتنفيذ التكاليف وحلّ الواجبات إلا بالجلوس سوياً.


أخي عبد العالم.. ذلك الصاحب الذي كنا نتقاسم ما نحصل عليه من مصاريف  أو نقتنيه من هنا أو هناك مناصفة، وكما نتقاسم مايفرحنا ربما تقاسمنا الألم كذلك، ولم يحدث أن تجاوز نصيب أحدٌ منا نصيب صاحبه.

أخي عبد العالم.. ذلك الصديقُ الذي جمع بيني وبينه  الحب وألّف بيننا الوُد، تحت رعاية الإخلاص ودعامة الإيثار، ورسّخ ذلك تبادلُ الزيارات المتكررة  لبعضنا، تارةً في بيته وتارة في بيتي، لدرجة إحساس كل أفراد أسرتينا بحجم تلك العلاقة ومستوى تلكم الصداقة، وذلك مالمسه كلٌ منا من أفواه الآباء والأمهات والإخوة والإخوات .
أخي عبد العالم.. ذلك الوفيُّ الذي لم يُثنهِ بعد المسافة ولا طول فترة اللقاء عن التواصل بمختلف الوسائل والوسائط، ومازالت الرسائل النصية في مختلف حساباتنا تحكي ذلك المستوى من الوفاء وستظل.

أخيراً وليس آخراً، أخي عبد العالم.. لا أستطيعُ حصرَ مايمتلكُ ذلك العملاق من الأخلاق، و مما جعله منفرداً في صفاته، و فذّاً في سماته، ومختلفاً في بصماته، عن سائر الزملاء والأصدقاء، وتلك هي أسرار الله في خلقه يضعها في من يشاء وكيف يشاء من مخلوقاته.

هكذا كنتُ أنظرُ إليه.. فِكرُهُ مُتّقد ،وشعورُه مُرهف ، وأخلاقُه سامية، وثقافته عالية، ومهاراته متعددة.
استفدت منه الكثير من خلال المجالسة، واكتسبت منه الوفير من خلال المعايشة، ولا أدري مدى ما استفاده هو من صديقه إن كان ذلك حاصلاً أم لا.
توافَقْنا في كثير من الأمور، وتمايَزْنا واختلفنا في بعض المهارات، فكان ذلك التوافق عامِلَ بناء لازدياد العلاقة، وكان التمايز و الاختلاف في المهارات عاملَ تكاملٍ فيما بيننا، فزاد حُبّنا، ونما وُدّنا، وسمت علاقتنا.

وأخيراً.. لايسعُ هذا المحبُّ في نهاية المطاف هنا إلا أن يسكبَ حبرَ العين على هذه الصفحات ألمًا على الفراق، ودموعَ القلب أسىً على الرحيل، وستظلُّ دعواتُه سحائبَ تتغشاه بالرحمات بإذن الله ، واللهَ أسألُ أن يُنزلَ عليه غيثَ عفوه، ويُسدِل عليه سترَ رحمته، ويفرغَ علينا وعلى أُمّهِ وإخوانه وسائر محبيه عظيمَ صبرِه، إنه عفوٌ كريمٌ جوادٌ، وإنا للّه وإنا إليه راجعون.

د. غازي الحيدري
21ديسمبر 2024م

إن في ذلك لآية

تكررت عدة مرات هذه الآية والتي تليها في سورة سمّاها الخالق جل وعلا في كتابه الكريم بسورة الشعراء . 


حين تقرأ هذه السورة بوعيٍ تام ودون انشغال، متأملاً آياتها باهتمام، تُحِسُّ من أول مقطعٍ فيها بحنوٍّ فائق  تجاه نبي الأمة من قبل ذي الجلال والإكرام..


تجدهُ مخاطباً إياه بإشفاق بأن لايُتعِب نفسه كثيراً مع المكذبين بدعوته(لعلك باخعٌ نفسك ألا يكونوا مؤمنين) كونُ الدلائل والآيات الكونية كفيلةٌ باستجابة ذوي العقول النيّرة والقلوب الحية . 


وأما من كان دون لُبٍّ مستنير أو قلب مستبصر فذلك شأنه، وسيلقى جزاءه عاجلاً أو آجلاً (فلا تذهب نفسُك عليهم حسرات) 

وحين تواصلُ التلاوة وتتابعُ الآيات تجدهُ سبحانه يخاطبُ حبيبه بأنه كان من الممكن  على أولئك المكذبين إمعان النظر في الطبيعة أولاً ،(أولم يروا إلى الأرض... الآية)    فالتفكر في ذلك بحد ذاته كافٍ لتغلغل الإيمان في قلوبهم  وبحقيقة وجود خالق محيي ومميت، مستحق للعبادة والطاعة بالكاد. 

ويختم هذا المقطع بقوله (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الرحيم)وهاتان الآيتان هما سر كتابة هذا المقال لتكررهما في السورة ولما تحملهما من ابعاد ودلالات. 


ولك أن تتأمل ـ عزيزي القارئ ـ كيف بدأ ربّ العزة بعد ذلك بسرد قصصَ الأنبياء السابقين  ومواقف أقوامهم من دعواتهم، مُطَمْئِناً له بأن تكذيب المرسلين وبالٌ على المكذبين، فابتدأ سبحانه بسرد قصة نبي الله موسى عليه السلام من أول بعثته ومواقفه وحواراته مع عدوه، موضحاً له تلك الأدلة الدامغة التي تؤكد مصداقية دعوته النبوية وما آل إليه المكذبون، واختتم القصة بتلكما الآيتين (إن في ذلك لآية...) ولك عزيزي القارئ متابعة ذلك لتستمتع بتلك الجلسة الرائعة ومادار فيها من حوار وفن إقناع.. 


ثم تناول ـ سبحانه ـ قصة نبي الله نوح عليه السلام وحاله مع قومه ومع ماصاروا إليه، واختتمها بنفس تلكما الآيتين (إن في ذلك لآية...) ويستمر السرد الرباني بقصة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتختم القصة بنفس الآيتين. 


وهكذا استمر ذلك السرد الإلهي مع نبي الأمة بالتذكير  بقصة عاد (قوم نبي الله هود) عليه السلام وبعدها بقصة ثمود (قوم نبي الله صالح) ثم بقصة قوم نبي الله لوط  واختتمها بقصة نبي الله شعيب عليه السلام متخذاً تلكما الآيتين فاصلاً بين كل قصة وأخرى. 


وفي النهاية يعود رب العزة لمخاطبة نبيه الكريم منبهاً لأهمية مايحمله من حجة وبرهان لمن كذبوه، وما يتصف به ذلك الكتاب من صفات ودعائم تؤكد رسالته وتدعم دعوته (وإنه لتنزيل رب العالمين..الآيات) مبيناً المطلوب منه فحسب، دون تحسّر على النتائج ويختم ذلك بهذا الأمر (وتوكل على العزيز الرحيم) وكأن هذين الاسمين (العزيز الرحيم)قفلٌ يختم به كل قصة، ويقفل به كل بعثة، وذلك لماتحمله بين طياتها من معاني العزة ودلالات الرحمة ، فالتصديق  بالرسالة عزٌّ لمن اتبعها، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) ورحمة به كذلك (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فما أروع ذلك السرد الرباني، وما أعظم بيانه!


ولعل المتأمل في تسمية هذه السورة ليدرك تمام الإدراك قوة البيان، وبراعة السرد، وسحر  الأسلوب، وجمال تلك القفلات التي ختمت بها تلك المقاطع الرائعة، فالشعر مهما بلغ لايرقى ولن يرقى لهكذا مستوى، والنثر مهما علا لا يمكنه أن يقترب من ذلك الأسلوب. 


ولعلّ من أبعاد ودلالات ذلك الطرح العميق، والأسلوب الرشيق،  هو ترسيخ الإيمان القوي المفضي لصلاح الأعمال، وذلك واضح من أول السورة حتى آخرها، ولك أن  تتتبع  ـ عزيزي القارئ ـ لفْظة الإيمان بمشتقاتها في كل قصة وفي كل مقطع،  وبذلك ـ لاشك ـ سيتعظ كل شاعر وكل ناثر، كل عالم وكل متعلم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)

أما قبل.. ما هو مشروعك الرمضاني؟

 

لا أدري ما إذا كانت مشاعرنا متساوية أم متفاوتة إزاء الحدث العالمي بل الكوني الذي سيحل بعد أيام، والتي تزداد وتيرتها يوماً عن يوم طمعاً بلهفة اللقاء ورغبة بلذة الوصول، ولا أظن بأن فينا من لايحسّ بذلك الشعور داخله أياً كان مستواه ، وإذا افترضنا جدلاً غياب ذلك الإحساس لدى البعض؛ فإنه لاشك سيحركه مايراه ويشاهده من مظاهر وطقوس وسلوك  لدى الصغار فضلاً عن الكبار، وهم يعدون العدة بطريقتهم لاستقبال ذلك الحدث العظيم. 

..

ما هو مشروعك الرمضاني


ولن يكون حديثنا في هذه الأسطر عن المظهر بقدر ما سيكون عن الجوهر ، مادام ذلك هو الشعور الذي يتملكنا فيما تبقى من هذا الشهر وبهذا التزايد المضطرد  ، إذ  لابد أن نقف مع أنفسنا وقفات ووقفات ، وان نضع نصبَ أعيننا بأن ضيفنا لن يمكث معنا طويلاً،  وإنما سيرحل عنا بأسرع مايمكن ، خاصةً  وقد وصف رب العزة أيامه بالمعدودات، (أياماً معدودات) ولعل في ذلك إشارةً وتلميحاً إلى تكريس جهود العباد لاستغلال تلك الأيام أفضل استغلال  كما يبدو.


ولأني واحدٌ منكم أيها الأعزاء الفضلاء، ومن أولئك الذين تتملكهم تلك المشاعر الفياضة فرحاً ونشوة بقرب حلول ذلك الضيف الكريم ـ شهر رمضان المبارك ـ فإني أحببت التذكير بضرورة التهيؤ والاستعداد بالتخطيط المكتوب، وأشدد هنا على كلمة المكتوب إن أردنا الخروج منه بإنجازات تذكر . 


إذ ينبغي لكل ذي عقل ذكي وحس مرهف وقلب حي ونفس تواقة أن يضع لنفسه أهدافاً عدة  في مجالات حياته المهمة وذات الأولوية، بحيث لايطغى جانب على آخر فيختل توازنه وتتعرقل عجلة حياته.. حيث كل مجالات الحياة ينبغي أن لاتتوقف، كونها مكملة لبعضها البعض ، فالعناية بالسمو الروحي تتطلب اهتماماً بالجانب الاجتماعي وتركيزاً على الجانب العلمي دون إغفال للجانب المهني وهكذا، فكل جانب مرتبط بالجانب الآخر بالضرورة. 

ومن الأهمية بمكان أن لا ننسى بأن العبادة المتعدية قد تفوق العبادة الذاتية في كثير من الأحيان مصداقاً لقول نبينا الكريم كما ورد في معنى الحديث( لئن أخرج في حاجة أخي خير لي من أعتكف شهراً في مسجدي هذا) . 



ومادامت الفترة محصورة  ومحدودة بأيام معدودة فينبغي لكل منا أن تكون همته عالية،وجهوده مركزة، للخروج من هذا الشهر بإنجازات محسوسة ملموسة بجانب الإنجازات المعنوية بالطبع من سمو ورقي روحاني..

فرمضانُ شهر الهمة وشهر القوة وشهر النصر وشهر الصبر وشهر الأجر 

فهل ياترى سنرى انتصاراً على أنفسنا ونصرة لإخوتنا ، وهل سنرى برامج نافعة ومفيدة على المستوى الفردى او الجماعي، 

هل سنرى كتيباً مفيداً بين يديك أنجزته خلال الشهر؟ أم سنرى سلسلة مفيدة أو حلقات للكبار أو للصغار على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مقالات يومية أو نشرات ومقاطع تشارك بها هنالك كذلك؟ 

كون وسائل التواصل الاجتماعي هي أكبر وأكثر مايشغل الصائم والقائم  ويسرق منه الأوقات والساعات كما هو معلوم. وهل سنرى مثلاً دورات لمهارات تطويرية وبرامج تنويرية ستقدمها لمن حولك سواء كانوا ابناء أم إخوة أم طلاب ، كي  تشغلهم فيها عن المسلسلات والمسابقات التافهة في شهر القربات ، أو أننا  سنرى خدمات معينة ستقدمها للعامة أو الخاصة في منطقتك، أو مشروع معين في مجالك يفيد العالم دون حدود .


صدقني ـ أيها الغالي ـ إذا ما وجدت النية الصادقة والعزيمة القوية والإرادة الفولاذية لدينا؛ فإننا لاشك سننجز الكثير وسننال الأجر الوفير وسنحظى بالفضل الكبير مقابل كل مشروع خططنا له، وأصبح متحققاً وملموساً بين أيدينا نهاية الشهر، علاوةً على الفرحة  الغامرة التي ستتملكنا ، والسعادة التي لايمكن أن توصف حينها ، فقط اعزم معي وخطط لتبدأ ـ محتسباً ـ بمشروعك الرمضاني من الآن، والله وحده المستعان وعليه التكلان.



أنتَ والنت.. استثمارٌ أم إهدار؟

 



أشكرك بدايةً ـ عزيزي القارئ ـ على توقفك أمام العنوان المطروح، ونزولك إلى هنا لمعرفة ما الذي سيتفوّه به قلمُ الكاتب في هذه الأسطر المعدودة ، وذلك إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على اهتمامك بالمعرفة وحبك للاطلاع، أو ربما لمعاناتك مثلي إزاء هذا الموضوع وهناك الكثير والكثير أمثالنا.
ومهما يكن الأمر، فتعال معي لنلجَ سوياً في صلب الموضوع، ودعني أولاً  لأذكّرك بحالنا قبل عقدين من الزمن، يوم كان الواحد منا إذا ما أراد معلومة ما، يتعب كثيراً في البحث عنها، وها هو اليوم لايواجه أدنى صعوبة في الحصول على الكم الهائل من المعلومات اللامحدودة في كل مجال من مجالات الحياة، ولم تعد هناك أي صعوبة في الحصول على أي معلومة في ظل هذه الطفرة المعلوماتية و التقدم التكنولوجي الحاصل.


لن يكون  الحديث هنا عن هذه الطفرة بطبيعة الحال وإنما عن مدى التعامل معها ومدى استغلالها ، فما أصبح متاحاً بين أيدينا اليوم لم نكن نحلم به يوماً، إذ توفر بسرعة مذهلة أشبه بالخيال، ولم نكن نتوقع مطلقاً أن يصبح العالم بأسره في يد الطفل الصغير فضلاً عن الكبير في شاشة يحركها كيف يشاء، ويطير من خلالها في أي فضاء يريد.
هنا يحق لي أن اضع بين يدي من يتابعنا الآن عدداً من التساؤلات علها تغني عن السرد وهي بمثابة تنبيهات وتلميحات تفي بالغرض المطلوب وإن لم تتم الأجابة عنها .. . 
فهل ياترى قُمنا باستغلال هذه الفرصة في تطوير أنفسنا وإفادة غيرنا، أم أننا نستهلك مافيها على حساب أوقاتنا وصحتنا ليس إلا ؟
فإذا كانت الإجابة بالإيجاب فما مستوى الاستفادة الحقيقية على مستوى اليوم والليلة في مختلف جوانب حياتنا؟
هل استطعنا من خلالها استثمار ماننفقه من أموال وأوقات لتطوير مهاراتنا وتوسيع معارفنا أم تسرق منا هذه الشبكة المال والوقت وتصطاد منا جهدنا وقوتنا لنصبح من ضحاياها عاجلاً أم آجلاً؟
هل ياترى وظّفنا هذه الشبكة للاصطياد كما يفعل البحّار أم هي شَراك ننصبه لأنفسنا ليصطادنا الغير بما يكتبون وما ينتجون فنصبح لقمة سائغة أمام أهدافهم وغاياتهم؟

أليس من الحكمة والذكاء أن يكون مانستهلكه من الجيجاوات و الميجاوات ـ إن صح التعبير ـ  يقابله المزيد من الفوائد والمهارات في ظل مسيرتنا الحياتية المهنية والتخصصية والعامة؟
ماذا لو سأل كل واحد منا نفسه.. كم تقضي من الساعات مع هذه الشبكة وكم تستهلكه من الأموال يومياً في صحبتها؟
وهل يوازي ذلك ما تجنيه مقابل ماتنفقه من ريالات وساعات؟
أليس المفترض أن تتعلم شيئا جديداً في كل ساعة تصفُّح او لحظة تطلُّع؟
أم أن فتحَك لرسائل وسائل التواصل الاجتماعي كافٍ لذلك، حيث تجد هنالك عشرات الرسائل ع الواتس ومثلها ع الفيس ومثلها ومثلها على بقية تلك الوسائط فتنهمك في فتح جميعها وتنشغل بالردود على أصحابها، حتى تجد نفسك وقد التهمتْ رسائلُهم رصيدَك الزمني والمالي والانفعالي؟!
هذا إن لم تنشغل بمتابعة  الحالات والإنجازات والمقالات والتحركات لكل من هبَّ ودبّ على درب تلك المواقع والقنوات والصفحات؟



عزيزي القارئ.. قد يكون فينا من يجاهد نفسه بكل قوة في التخفيف من الانهماك بهذه الوسائط إلا للضرورة ، أما البعض الآخر فلربما أصيب بالإدمان الشبكي ـ إن جاز تسميته كذلك، ـ وهنا ينبغي الاجتهاد قدر الإمكان والحذر من هذا المنزلق، الذي لايكاد يأبه له الكثير، فالانشغال بمتابعة الأخبار ومجريات الأحداث أياً كانت لاتنفع صاحبها كما يجب، ولاثمرة نافعة من ورائها غير إهدار الأوقات والطاقات إلا ما كان ضرورياً منها ،ولك أن تطلع ـ عزيزي القارئ ـ على كتاب وقع في يدي قبل سنوات بعنوان (الماجريات) الذي نبّه مؤلفه من هذا الأمر.

وإذا كانت مشاهدة التلفاز مثلاً تُبلّد الإحساس ولاتصنع مثقفا ـ كما هو معلوم ـ كونها تتحكم في المُشاهد لايتحكم بها، فكيف بشبكة العنكبوت اليوم التي تضاعفت فيها القنوات والفلوات والفجوات، مع أن الفارق بينهما في أن هذه الشبكة قيدُ تحكّمك ورهنُ إشارتك، وبيدك وحدك ان تصنع الفرق.
إنها لفرصةٌ سانحةٌ ونعمةٌ جليلةٌ حطّت رحالها بين أيدينا؛ فلنكن أذكياء حكماء في تفاعلنا معها، ونتخذ منها فرصةً للاستثمار في كل مجال، لا مطيةً للانحدار أو الانجرار المفضي للإهدار ومن ثم الانهيار، فبأيدينا وحدنا القرار، والله وحده المستعان، والسلام ختام .

د. غازي الحيدري

8فبراير2024م




ميزة جدول التنقل

التنقل السريع