هذي الجملة خطأ يا أستاذ !
بعد أن رفع إصبعه مراراً، ذلك الطفل البريء الذي كاد أن يشغلني عن استكمال شرح بعض الفروق في كتابة بعض الأحرف في حصة الخط، أذنت له بالإفصاح عما يريد قوله، فأطلق تلك الجملة القوية التي جعلت جميع من في غرفة الصف الدراسي يلتفت إليه باستغراب لتلك الجرأة.
ولعلك ـ أخي القارئ ـ قد أثارت انتباهك أنت أيضاً تلك الجملة، فتابعت معي هذه الأسطر التي تلاحقها الآن حتى وصلت إلى هنا.
لم يكن ذلك الطفل كغيره من زملائه، وأبرز ما كان يميزه عنهم، صمته الدائم، وعدم مشاركته الفاعلة أثناء النقاش والشرح، لكنه يتميز بحدة ذكائه واكتشفت ذلك في إجاباته على ورق الأنشطة والتقويمات، مما جعلني أركز عليه وأتدارس حالته اللافتة بالطبع، ولعل هناك حالات مشابهة قد وجدها الكثير من زملاء المهنة الذين يتابعون معنا الآن.
ولكي لا اذهب بعيداً عن العنوان المطروح فدعوني أوضح لكم ماحدث، حيث حدث ذلك الموقف في الصف الثالث الأساسي قبل أكثر من عشرين عاماً من الآن، حين كتبت على اللوح السبوري كالعادة عبارة لإيضاح طريقة كتابة الأحرف، وكانت هذه المرة بيت من قصيدة لأحد الشعراء عن الثعلب المكار يقول فيها، *(مخطئٌ من ظن يوماً.. أن للثعلب دينا)* .
فبدأت بإيضاح الكيفية التي يكتب بها الحرف في خط النسخ وخط الرقعة فكان ماكان.
وحينما بادرني ذلك الطفل بذلك القول أشدت بذكائه وامتدحت تركيزه، ثم طلبت منه توضيح السبب فقال: يا أستاذ كل شيء يسبح بحمد الله، فابتسمت وأيقنت بأن ذلك الولد من أسرة ملتزمة محافظة تعتني بثقافة أبنائها، ثم وافقته الرأي موضحاً له بأن الشاعر يريد هنا التحذير من معاملة المخادعين المتلونين في طباعهم ومعاملاتهم مهما أبدَوا من مظاهر مغرية.
ودمتم في خير👋🏻

تعليقات
إرسال تعليق