استراتيجية عدسة الكاميرا
فوجئ موجهٌ تربوي بعد خروجه من الصف التاسع الذي أدى فيه زيارة تقييمية لاحد المعلمين بأحد الطلاب وراءه يترجاه بكل أسف أن يمسح الصورة التي التقطها بجواله أثناء شرح المعلم للدرس، وفقاً لما أكده عليه زملاؤه، ولم يكن الطالب منتبهاً لتلك اللقطة لأنه كان نائماً، وافتعل الموجه تلك الحركة التمويهية عمداً لحاجة في نفسه.
ولعلك عزيزي التربوي قد فهمت الغرض من وراء ذلك التصرف، ولكن دعني أواصل موقف ذلك الطالب أولاً ، إذ ظل يترجى الموجه مراراً بحذف الصورة المزعومة، ولكن الموجه أخبره بعد عناء بأنه سيعرضها على مدير المدرسة أولاً، وسيتم المسح بعد التواصل بولي أمره لمعرفة سبب سهر ابنه ليلاً، حينها جن جنون الطالب واختنقت الكلمات في حنجرته وازداد من ترجيه وتقبيله ليد الموجه ، فـ رقّ الموجه لحاله، فأخبره بأنه سيحذفها إن تعهد الطالب بأنه لن ينام في الحصة مطلقاً بعد ذلك اليوم، موضحاً له بأن ذلك السلوك يدل على عدم احترامه للمعلم أولاً ، وعدم تقديره للبيئة الصفية والمدرسة ثانياً .
وإذا كانت تلك هي ردة فعل الطالب تجاه خطئه الحاصل، فما الذي يمكن توقعه من المعلم إزاء موقف الموجه؛ فمما لاشك فيه بأن المعلم في هذه اللحظة قد يكون أرثى حالاً من تلميذه في تفسيره لموقف الموجه، إذ سيثير ذلك لديه حالة من القلق والتأويل اللامتناهي، كون الخطأ خطأه في المقام الأول لا خطأ الطالب، وسيتوقع اللوم من المشرف لعدم انتباهه وبأنه ليس كفؤاً في ادائه، إذ أن المعلم المتمكن يستحيل أن ينام الطالب في حصته؛ لما يقوم به من أنشطة تفاعلية واستراتيجيات للتعلم النشط تجعل الصف الدراسي شعلة من الحماس وخاصة عند وجود الموجه كما يتكلف ذلك بعض المعلمين.
وبغض النظر عن حقيقة الموقف الحاصل أو استحداثه من قبل كاتب هذه السطور إلا أنه لاشك يحمل الكثير من الدلالات، أو لربما يعكس بعضاً مما يحدث على واقع بعض الصفوف في بعض المدارس، وإن هذا الطرح يُعدّ بمثابة تنويه وتنبيه للمعلم وللموجه على حد سواء وكذلك لـ ولي الأمر ولكل من تربطه علاقة بهذه المهنة المهمة والوظيفة النبيلة.
وأخيراً وليس آخراً لا أخفيك أخي القارئ الكريم بأني أثناء كتابتي لهذه الأسطر طرأت لدي فكرة مفادها؛ أنه مادام معلم اليوم يصطحب الجوال على الدوام، وأن الجوال قد يصنع من التأثير الشئ الكثير كما شاهدنا، فإنه من المهم استغلال هذه العدسة لتفعيل بعض الأنشطة في الحصة الدراسية ، إذ بالإمكان مثلاً أن يستغله المعلم في تفعيل بعض الأنشطة، كأن يخبر المعلم طلابه بأنه سيوثق بعض الإنجازات بشكل يومي وسيلتقط بعض الصور لتنشر في مجموعات المدرسة أو مجموعات أولياء الأمور ليبقى الكل مستعداً لذلك ومتيقظاً طوال الحصة ومتحمساً لكل انشطتها ..
ولاشك بأن ذلك سيساعد المعلم على جعل الحصة الدراسية اكثر حماساً، فمثلا يمكن أن يطرح سؤالا ويطلب الإجابة عنه خلال دقيقة، ويطلب رفع اصبع من لديه الجواب لأخذ اللقطة، وهنا سترتفع أيادي الأسرع ذكاء، وهنا يمكنه أن يؤجل اللقطة بإضافة دقيقة أخرى لترتفع أصابع اكثر وهكذا؛ ويمكن تطوير الفكرة لأنشطة متعددة وبصور مختلفة، ويمكننا تسمية هذه الفكرة باستراتجية عدسة الكاميرا، مع تمنياتي للجميع التميز والتجديد والإبداع..
د. غازي الحيدري

تعليقات
إرسال تعليق