العطاء والرضى بين الليل والضحى.
لم أكن لأعلم بأن خلق العطاء شأنه عظيم لدرجة ما، إلا بعد تأملي في قوله تعالى (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) حين جاء في مقدمة تلك الثلاثية المهمة العظيمة الموصلة لجائزة ومثوبة التيسير المؤدي للجنة، فـ(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة).
ولم ينتهِ الإعجاب والاستغراب هنا،
وإنما استمر مع التأمل في سياق آيات الليل مع صِدّيق هذه الأمة أبي بكر رضي الله عنه، الذي عطاؤه بلغ مداه، وقد ظن ابن الخطاب سيدنا الفاروق عمر رضي الله عنه انه سيسبقه يوما بتلك المزية بإنفاق نصف ماله لكنه تفاجأ حين سمع بان الصديق تصدق بماله كله.
(وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى) وبذلك سينال الجنة والرضوان فيرضى.
هكذا كانوا وذلك مانالوا بتلك الأخلاق وبتلك السمات حتى (رضي الله عنهم ورضوا عنه).
وإذا كان ذلك هو وعد الله للصديق في الليل،
فقد وُعِدَ الصادقُ المصدوق به في الضحى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) يالعلو المقام ورفعة المكانة، في الليل كان العطاء إنساني والرضا رباني، وفي الضحى كان العطاء والرضى رحماني.
لم ينته التنويه والوعد بعطاء الرحمن لحبيبه العدنان دون توجيه بالتخلق بذلك الخلق من قبل الإنسان لأخيه الإنسان.
فاليتيم ينبغي أن لايُقهر ولابد أن يُرفَدَ بالعطاء، والسائل ينبغي أن لايُنهر ولابد من ان يتلقى العطاء ولو بالكلمة الطيبة أو الدعاء، وما دام العطاء أيا كان نوعه هو نعمة من رب السماء، لابد من أن يُتَحَدثَ به، شكراً واعترافاً وامتناناً، لافخراً ولاكبراً ولاكفرانا.
فعطاؤك ـ عزيزي القارئ ـ لأخيك مما تملك من المال ذلك تحديث بنعمة ربك، ومنحك لأخيك مما تملك من العلم ذلك تحديث بعطاء ربك، ودعمك أخاك بما تملك من الجاه ذاك تحديث بنعمة ربك.
فبذلك المنح وذلك العطاء تنل الرضى وإلا فلا.
✍🏼 د. غازي الحيدري
للمزيد يمكنك الاطلاع الى مقال سابق لي هنا انتقل لمرحلة العطاء
انا اركز على التصديق بالحسنى وهو أن تعمل الخير ابتغاء ما رتب الله عليه من الأجر
ردحذفكما ورد اربعين خصلة من الخير من فعل واحدة منهن ابتغاء ثوابها إلا أدخلته الجنة أو كما قال صلى الله عليه وسلم
بوركت أخي الكريم
حذف